Blend

اقتصادى يرصد الأثار الاقتصادية للتهرب الضريبى

يؤثر على قدرة الدولة فى الوفاء بالتزاماتها وقيامها بمشاريع التنمية للمجتمع

 

قال الدكتور عادل عامر ، الخبير الاقتصادي، إن التهرب الضريبى يشكل أحد المعوقات الهامة فى سبيل الوصول إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والتى تعد أحد أهم الأهداف الرئيسية للمكونات. فالضريبة هى إحدى الرسائل الأساسية لتمويل التنمية الاقتصادية. وأن النقص الذى يطرأ على حصيلة الضريبة نتيجة التهرب الضريبى يؤدى إلى أضعاف قدرة الحكومة على تمويل الاستثمار اللازم للتنمية ، والى أضعاف فاعلية الضريبة كأداة لتوجيه النشاط الاقتصادى بما يخدم أغراض التنمية وتحقيق العدالة فى توزيع الدخول وكبح جماح الاستهلاك ومحاربة التضخم الذى يصاحب عملية التنمية.

وأضاف: قد يؤدى تفشى ظاهرة التهرب الضريبى وشيوعه فى نوع معين من الأنشطة الاقتصادية إلى تشجيع الأفراد والشركات لغرض العمل فى هذه الأنشطة لما له من أثر بالغ فى التهرب من الضريبة وقد تكون تلك الأنشطة غير مفيدة بالنسبة للمجتمع ومع ذلك يتجه الأفراد للاستثمار فيه ، نظراً لما يتميز به من أمكانية التهرب من الضريبة.

ويرى أن عملية التهرب الضريبى تؤدى الى تقليل حصيلة الإيرادات الضريبية مما يدفع الدولة إلى زيادة أسعار الضرائب المفروضة أو فرض ضرائب جديدة مما قد يؤثر على الطاقة الضريبية للمجتمع بشكل يتجاوز إمكانياته المادية مما يترتب عليها أثار سلبية بالنسبة للاقتصاد القومى وأضعاف الحافز على الاستثمار فى الإنتاج.

الفرع الثاني- أثار التهرب الضريبى من الناحية المالية: إن للتهرب الضريبى أثار سلبية كبيرة تلحق بالخزينة العامة للدولة وذلك من خلال انخفاض قيمة الحصيلة الضريبية مما يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وقيامها بوظائفها المختلفة وعدم تحويلها لمشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع مما يدفع الدولة إلى اللجوء لمصادر التمويل المختلفة لغرض مواجهة الالتزامات الملقاة على عاتقها. ومن أبرز أثار التهرب من الناحية المالية هي، الأضرار بالخزينة العامة للدولة وذلك بسبب انخفاض حصيلة الضرائب مما سيؤدى إلى عجز الموارد التى تعتمدها الدولة فى تغطية نفقاتها العامة ، الأمر الذى يدفعها إلى العمل على تدبير موارد جديدة قد تتمثل فى فرض ضرائب جديدة أو رفع أسعار الضرائب المالية.

قال إن عملية التهرب الضريبى تؤدى إلى نقص الحصيلة الضريبية للدولة مما يدفع الحكومة إلى الاقتراض أو إلى الإصدار النقدى الجديد ، بما يصاحبه من مخاطر نتيجة لما قد يؤدى ذلك من تضخم وارتفاع فى الأسعار ، من شأنه الأضرار فى الطبقات الفقيرة بالإضافة إلى قد ما يصاحب القروض الخارجية من ضغوط قد تهدد الاستقلال السياسى والاقتصادى للدولة.

وقد تلجأ الدولة فى بعض الأحيان فى سبيل مكافحة التهرب الضريبى إلى الكثير من النفقات العامة بدلاً من توجيهها إلى تحقيق المزيد من الخدمات العامة والمشروعات الاقتصادية والاجتماعية التى تعود بالنفع على جميع أفراد المجتمع وخاصة الطبقات الفقيرة التى تسعى الدولة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية لأفراد المجتمع.

الفرع الثالث – أثار التهرب الضريبى من الناحية الاجتماعية: إن للتهرب الضريبى أثاراً اجتماعية سلبية تؤثر على المجتمع إضافة إلى أثار التهرب الضريبى على الناحيتين الاقتصادية والمالية وفيما يلى إيجاز بالآثار الاجتماعية للتهرب الضريبى وهى :-

وتعتبر الضريبة أحد مظاهر التضامن الاجتماعى ، لذا فأن التهرب الضريبى يعد أخلالاً خطيراً لمبدأ التضامن الاجتماعى وإهدار للعدالة الاجتماعية التى هى أساس فرض الضرائب ، فالتهرب الضريبى يؤدى إلى أضعاف رابطة التضامن الاجتماعى بين أفراد الأمة الواحدة. حيث أصبح مفهوم العدالة الاجتماعية بمعناها الواسع يعنى مراعاة الأوضاع الشفهية للمكلف ومراعاة مقدار الدخل بحيث يعفى منه القسم الضرورى للعيش

وتفرض معدلات تصاعدية على الباقى وترتفع كلما أرتفع الدخل ، وأن من بين أهم الأهداف التى تسعى الدولة لتحقيقها من فرض الضرائب وذلك رغبة منها فى أعادة توزيع الدخول ومصادر الثروة الأخرى ويتحقق ذلك باستخدام الضرائب التصاعدية بحيث يدفع ذوى الدخل المرتفع ضريبة نسبية أعلى من تلك التى يدفعها ذوى الدخل المحدود مع مراعاة وجود الأنفاق الحكومي. إن التهرب الضريبى يؤدى الى المزيد من أنواع التهرب ، حيث يأخذ شكلا» شمولياً بمعنى أن التهرب من الضريبة قد يؤدى إلى التهرب من ضريبة أخرى. كما أن التهرب الواقع من أحد المكلفين يؤدى الى تهرب مكلف أخر من الضريبة وذلك نتيجة للترابط القائم بين أعمال كل منهما ، وهذه الحلقة تؤدى لشيوع مثل هذه الظاهرة مما يفسد بدوره الأخلاق وفقدان المكلفين الشرفاء لثقتهم فى الجهاز الضريبى ويقوى فيهم روح التهرب من الضريبة أسوة بالآخرين . مما يضعف علاقات التضامن الاجتماعى بين أبناء المجتمع ويضر أضراراً كبيراً بقدرة الدولة على استخدام الضريبة كأداة أساسية لتوزيع الأعباء القومية بين المواطنين ، بما يحقق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعي.

وقال إن التهرب الضريبى بما يؤدى إليه من تضخم وارتفاع فى الأسعار وما يصاحبه من اختلال الاستقرار والتوازن الاجتماعى بين طبقات المجتمع ، يعد من أخطر النتائج التى تترتب على التهرب الضريبى وعدم نجاح الإدارة الضريبية فى منعه أو الحد منه هى أضعاف هيبة الدولة أمام مواطنيها بما يزيد من انتشار التهرب ، ويعكر صفو السلام الاجتماعى فضلاً عن النتائج الخطيرة بالنسبة للنظام السياسى القائم.

مكافحة التهرب الضريبي.

تعتبر الثقة بين المكلف والجهات الضريبية جزءًا من الثقة بين الدولة والمواطن، فالمواطن الذى يؤمن بان الإنفاق الحكومى هو إنفاق رشيد وعادل ونزيه، يكون اقرب إلى الالتزام بواجباته الوطنية ومنها الواجبات الضريبية،

إما عنصر الثقة بين المكلف والإدارة الضريبية فى الدول النامية يكاد يكون منعدمًا، حيث أن مأمور التقدير ينظر إلى معظم أو غالبية الكشوفات والحسابات المقدمة من قبل المكلف على أنها غير صحيحة، وان المكلف يعمل دائما على إخفاء دخله الحقيقي، أو إخفاء بعض مصادر دخله، وان ما قام المكلف بالتصريح عنه للإدارة الضريبية لا يمثل الواقع الصحيح والمركز المالى السليم للمكلف، فالمكلف حسب وجهة نظر مأمور التقدير غالبا ما يكون متهمًا

الفرع الأول- وسائل مكافحة التهرب الضريبى بكافة الوسائل الممكنة: إن مسؤولية التهرب وتبعاتها تقع على عاتق كل من الإدارة الضريبية، والمكلف، فالإصلاح الضريبى يمكن أن يحد من التهرب الضريبي، فإصدار تشريعات تتسم بالبساطة والوضوح مع معدلات ضريبية مناسبة ومعقولة إضافة إلى تفعيل دور القضاء الضريبى لمواجهة جرائم التهرب الضريبى

كلها تعد أمور حاسمة فى الحد من هذه الظاهرة إضافة إلى إجراءات الإدارة الضريبية المعتادة مثل توفر الكادر وبمستوى دعم سياسى ومادى ومعنوى يكفل إشباع الحاجات، وبتوفر نظم معلومات كفوءة قادرة على معالجة الكم الكبير من البيانات والمعلومات واعتماد طرق فحص كفوءة إضافة إلى التدابير الأخرى مثل الجباية من المنبع وتفعيل دور المادة (28) من قانون ضريبة الدخل التى تلزم الجهات والأشخاص بتبليغ الإدارة الضريبية عن المعاملات التى تجريها مع المكلفين

الفرع الثاني- العمل على أيجاد جهاز ضريبى منظم ومتفهم وقادر على التطبيق الصحيح للقانون: تعتبر الإدارة الضريبية مركز الثقل فى نظام التحاسب الضريبى والجزء الذى يمكن أن يبث الحركة فى بقية أجزائه بطريقة منضبطة لتحويله إلى نظام عامل وفعال يحقق الأهداف المحددة له، لذلك تبقى الإدارة الضريبية هى الأساس فى نجاح أى نظام ضريبى إذ تقع عليها مسؤولية تنفيذ التشريع الضريبى من خلال أجهزتها المختصة فتقوم بفرض الضريبية وتحصيلها، فاعتماد أفضل التشريعات وأتباع أفضل السياسات لا يمكن أن يحقق النتيجة المرتقبة أذا كانت أداة التنفيذ الإدارية عاجزة عن استيعابها وتطبيقها الفرع الثالث- تنمية الوعى الضريبى لدى المكلفين من خلال وسائل الإعلام المختلفة: لكى يتصرف المكلف بإيجابية تجاه الضريبة وبسلبية نحو التهرب الضريبى يجب على الإدارة توعيته، فكثير ما يتم التساؤل هل من الممكن محاربة وبفعالية التهرب الضريبى وذلك بتشجيع المكلف على التصريح بضرائبه فإحساس المتهرب بخطر قد يترقبه ،

يكون له تأثير تربوى فى الجانب الاجتماعي، فيدفعه بذلك إلى عدم المجازفة بمكانته الاجتماعية، لذلك يجب على الإدارة تقديم يد المساعدة للمواطنين والمؤسسات فى تحديد الوعاء الخاضع للضريبة ومن واجبها أن تضع فى تصرفهم إرشادات إعلامية وكتيبات لشرح بعض الإجراءات الخاصة بالضريبة وعليه فان توجيه المكلف بالضريبة تأتى كمرحلة ابتدائية منذ بداية تعامله مع الإدارة الضريبية لأن تصرفه لا يخضع لأى حساب علمى

وإنما يخضع إلى دوافع نفسية ولذلك وجب إعلام جميع المكلفين بالضريبة بكل تغييرات ومستجدات التشريع الضريبى وعن كل الإجراءات الضريبية المتبعة والعمل على إزالة أسباب التوتر بين المكلف والإدارة الضريبية، مما يؤدى إلى خلق الثقة المتبادلة بين الطرفين وتحقيق التعاون بينهما

التشريعات الضريبية:

تصدر التشريعات عموما لتعبر عن حاجة المجتمع وظروفه الخاصة، لذلك تحتاج هذه التشريعات إلى صياغة جيدة ومناسبة لتتلائم مع هذه الاحتياجات بشكل عام، أما التشريعات الضريبية فتحتاج إلى مهارة خاصة من جانب المشرع فى صياغتها، كى لا تأتى مشوبة بالغموض فهى تفتح الطريق أمام تعسف الإدارة الضريبية من خلال التوسع فى تفسير نصوص التشريع أو تأويلها بما يسفر فى النهاية عن إلحاق الظلم بالمكلفين، كما يتيح الغموض وسوء الصياغة الثغرات التى ينفذ منها المكلفين لممارسة كل صنوف التهرب الضريبى ، كما إن التعقيد وعدم الوضوح فى القانون الضريبى يكون هو المسؤول عن التهرب فكلما كان القانون الضريبى معقدًا ومليئًا بالاستثناءات سهل على المكلف التهرب من دفع الضريبة، وبالعكس فكلما كان القانون يمتاز بالوضوح والبساطة كلما قلت فرص التهرب الضريبى وعليه لابد إن يكون التشريع الضريبى جيد ومنسجم ومترابط وان لا يتضمن ثغرات تترك مجالا للتهرب وهذه الأمور تتطلب أيضا تحسين الإجراءات الإدارية من حيث اختصار إجراءات التحقيق والتحصيل مما يساعد على سرعة تحقيق الضريبة وجبايتها وبالتالى يتحقق عنصر الملائمة فلا تطول الإجراءات بحيث تترك مجالا للمكلف للتهرب من الضريبة

رابعا- أيجاد جهة تنظم العلاقة بين المكلف والإدارة الضريبية: تشوب العلاقة بين المكلف والإدارة الضريبية حالات الشك وعدم الثقة، مما يولد مشاكل عديد تعقد عملية التحاسب الضريبي، علما بأن المكلفين دائما ما يشعرون بان الإدارة الضريبية تحاول بشتى السبل اقتطاع جزء من دخلهم الذى بذلوا جهداً فى الحصول عليه فضلا عن تعسفها فى هذا الاقتطاع، فهم غير مقتنعين بعدالة ما يستحصل منهم، وعلى هذا الأساس تبرز أهمية تنسيق وتنظيم العلاقة بين الإدارة الضريبية والمكلفين بالشكل الذى يخلق أجواء الثقة والقناعة ،

ولتنظيم هذه العلاقة يجب أن تكون هناك جهة قادرة على مد جسور الثقة بين طرفى القضية بما ينعكس إيجابا على الحصيلة الضريبية وإيفاء المكلف بالتزاماته، إذ أن الإدارة الضريبية تفترض دائما أن المكلف غير صادق فيما قدمه من بيانات مالية، وبالتالى تلجأ إلى احتساب الضريبة عليه بموجب الضوابط التى تضعها، ولا تربط خضوع الضريبة بالمقدرة التكليفية للمكلف، وهذا الإجراء قد ينافى قاعدة العدالة التى هى أساس عمل الضريبة

 

تامر فاروق

Related Articles

Leave a Reply

Back to top button